مرسيليا تعرض 400 صورة من الجزائر
معمر
عطوي
اختار المصور الفرنسي من أصل
جزائري برونو بودجلال حوالي 400 صورة من جيل جديد من الرجال والنساء يبحثون عن
تصوير الجزائر المعاصرة. وتشكل هذه المنظورات المتعددة صورة بانورامية لمشهد
فوتوغرافي نابض بالحياة - رؤى بلد في الحركة.
شباب وشابات
يلحظ زائر هذا المعرض نمطاً مختلفاً من التصوير قد لا يكون مألوفاً،
وربما يدخل تحت نوعية الفن السوريالي، إذ لا يفسر ايحاءات الصورة وتركيبتها إلا
صاحبها، وقد يصح القول في بعض الصور أنها صور تدمج بين الواقع والخيال على طريقة
اللوحة التجريدية، إذ تختفي بعض جوانب الأجساد لتحل مكانها أشكال أخرى تذوب في
الشخص وكأنها صورة شبحية.
بالفعل هو شهادة حية على حياة الجزائر ومشهدها الفوتوغرافي الحديث، ضمن
محاولة تكوين مدرسة جديدة في الفن التصويري، يرضي الذائقة الفنية الباحثة عن ما
وراء الصورة من هدفية وتعبير وقول مطموس.
وجوه متعددة ووجه واحد بحالات متعددة، أحياء وشوارع وأشجار وبحار
وبيئات مهدمة وقذرة وأخرى نظيفة ومرتبة. أشخاص حفر على وجوهها الزمن حكايات وآلام
الاستعمار والثورة والهجرة ووجع البحث عن لقمة العيش. عدسات تلتقط تفاصيل من
الحياة علاقات حميمية ورش عمل، ألعاب الطفولة، جلسات أنس، طيش الشباب وهموم
البطالة.
خلال زيارته الأولى إلى الجزائر، في سن الـ 32، اكتشف برونو بودجلال
التصوير الفوتوغرافي هناك، فسعى من وقتها لإيجاد طريقة لفهم واقع البلد- الأصل هذا،
الذي لم يخبره والده أبداً عنه.
بعد عشرين عاماً، لا يزال بودجلال في رحلة البحث عن الهوية في صميم
عمله. إذ أن صوره التي التقطها تشكل عملاً انطباعياً متعدد الأشكال، يتأرجح بين
السيرة الذاتية والوثائقية واللون والأسود والأبيض.
البحث عن الهوية
لذلك التقى هاجس البحث عن الهوية على المستوى الشخصي مع هواجس عشرين
مصوراً نقلوا بعدستهم واقع البلد- الأصل، فحملوا الى ما وراء المتوسط – وهم
بمعظمهم يعيشون في الجزائر- مشهد جديد شبه متكامل للواقع الجزائري الحالي.
هذه الهواجس عبّر عنها المصورون والمصورات بشكل واضح، إذ وضع كل منهم عنواناً
لمجموعته تتناسب مع مضمونها؛ فالمصور فاروق عبو (يعيش في مغنية- ولاية تلمسان)، عرض
مجموعة من صوره تحت عنوان "عابر الحدود"، فيما سلط أحمد بدر الدين ديبة
(ولاية معسكر)، الضوء على الشخص الجزائري بردئاه التقليدي في وضعيات مختلفة حملت
عنوان "قصة الرجل في الجلباب". وفضّل ياسين بلحسين (بجاية) "الصمت"
عنواناً لمجموعته التي تدعو الى التأمل والاسترسال في التفكير والتفسير. أما رمزي
بنسعدي (وهران)، فقد اهتم بالاحتفالات القروية في الجزائر فكان صوره
عبارة عن نقل حالات الفرح والمناسبات الجميلة.
اختار عاطف برجم (عنابة والجزائر)، عنواناً بالإنغليزيةTo here from here أي "الى
هنا من هنا"، كأنه يقول إن المكان نفسه يعبّر عن أشياء كثيرة ويحمل رسائل
متنوعة، فيما شارك مهدي بوبكير (الجزائر)، بمجموعته "tag
ala tags"، أما لياسمين فضيل (تيزي أوزو) فجنحت نحو التفلسف والبعد
الروحي للإنسان، إذ شاركت بمجموعة من الصور تحت عنوان "البحث عن الروح
المفقودة". وكان "غيوم سوداء 2015-2017"، عنوان المصور يانيس قفيز (باريس
وبجاية)،في حين حملت مجموعة المصورة لولا خلفة (عنابة) عنوان "اقتباس
2015"، ومجموعة يوسف قراشي (الجزائر) "20 سنتيم". وشاركت صونيا
مرابط (الجزائر) بمجموعتها تحت عنوانExtraterrestre, 2014 Djanet" Algerie. Self. portrait"، بورتريه شخصي".
كما شارك في المعرض كل من عبد الحميد رايشي، بمجموعته "الجزائر،
مناخ فرنسا"، وحكيم رضوي الجزائر"A way of
life "
ونسيم روشيش، "Ca va
waka"، وفتحي شرواي (معسكر)
"Stadiumphilia".
من ناحيتها بنت قسنطينة سهام صالحي تناولت صورها موضوع "نور الأرواح"، وعبدو
شنان (وهران)، "يوميات المنفى"، وأسامة تابنتي (مرسيليا) حاولت عدسته
معالجة موضوع الأشياء الكاذبة بعنوان "زيف"، ووضع كريم تيضافي (الجزائر)
عنواناً باللغة الايطالية " Aperto
Libro"، أي اما رمزي زهول (الدار
البيضاء) فانتقى للمعرض "حطام مختارة".
حالات عديدة نضحت بها صور الشباب الجزائري الواعد، حيث يلحظ المشاهد
وجوه منكسرة وحزينة وأخرى منتشية وفرحة. صور الإنسان النائم والمستيقظ والمهموم
والمجروح والمسرور والمفكر والمتأمل والمتدين والمهاجر الخ. ثمة صور متنوعة لبيئات
متعددة من الجزائر ولقطات من المناطق الحضرية والريفية التقت جميعها ضمن مشهد واحد
عنوانه، الجزائر بعدسات أبنائها الشباب.
"ميغ ماغ" فبراير 2018
تعليقات