ناريندرا مودي: "شوفيني" على عرش "أكبر ديموقراطية"!


معمر عطوي
 لم تمنع السمعة السيئة والنزعة القومية - الطائفية الشوفينية لزعيم "حزب بهاراتيا جاناتا" الهندوسي ناريندرا مودي (64 عاماً)، من أن يصبح رئيس وزراء "أكبر دولة ديموقراطية في العالم"، رغم ما قيل عن تورطه في أعمال شغب طائفية، وهو أمر ليس بغريب في عالمنا، ذلك أن "أفضل أسوأ أنواع الحكم"، بحسب وصف رئيس الوزراء البريطاني الراحل ونستون تشرشل للديموقراطية، "قد تنجب أحياناً من يعارضها ويتصرف بعكس قيمها الإنسانية".

لكن المفارقة الغريبة أن مودي، الذي مُنع من دخول الولايات المتحدة منذ العام 2002 "بسبب تورطه في أعمال شغب دينية قاتلة"، حسبما ورد في معظم الصحف الأميركية، أصبح ذا سجلّ أبيض، وسيُمنح تأشيرة دخول إلى بلاد العم سام بصفته الرسمية.
وربما شكّل فوز "حزب بهاراتيا جاناتا" صدمة لبعض المراقبين الذي اعتادوا تربع "حزب المؤتمر الوطني" على عرش الزعامة الهندية لعقود طويلة، فقد تمكن الحزب القومي رغم كل ما اتّهم به من تورط أو تغطية أحداث عنصرية وطائفية ضد البنجابيين، خصوصاً المسلمين منهم، في شمال الهند، من حصد 282 مقعداً بينما كانت التوقعات قبل الانتخابات لا تتجاوز 272 مقعداً، في مقابل 44 مقعداً لحزب "المؤتمر الوطني" بقيادة صونيا غاندي.


قد يصح وصف مودي بـ"قاهر الغاندية" في الهند، إذ لطالما كان الأمين العام السابق لـ"بهاراتيا جاناتا"، شخصية محورية في حزبه خلال الحملات الانتخابية، حيث تولى رئاسة وزراء ولاية غوجارات في شمال غرب الهند، للمرة الأولى في تشرين الثاني عام 2001 وبقي لأربع ولايات.
لكن الجانب الأهم في خطابه، هو ما حمله من وعود اقتصادية بينها توفير 10 ملايين فرصة عمل، في بلد يتجاوز عدد سكانه المليار ومئتي مليون نسمة، الأمر الذي غطى على تاريخه "الدموي".
فقد دفعه تعصبه للهندوس في العام 1992 لقيادة عصابات متطرفة قامت بهدم "مسجد أيوديا" وشيدت مكانه معبداً هندوسياً لـ"الإله رام". ممارسة تكررت في العام 2002 حين قامت اضطرابات راح ضحيتها أكثر من 1000 مسلم في ولايته، فيما لم يقم الرجل، رغم ما يملكه من سلطة، بتقديم أي مذنب أو متهم الى العدالة عن هذه الأحداث.
وما هو معروف عن مودي، انتماؤه إلى الجناح المتشدد في "بهاراتيا جاناتا"، إذ تلقى الأيديولوجية القومية الهندوسية في أيام شبابه حين انضم إلى "منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانغ" التي تعتمد أساليب شبه عسكرية.
بيد أن ميوله العنصرية ليست سحابة صيف تمر كفترة المراهقة، بل هي ذهنية مسيطرة على كيانه، فمنذ شهور عديدة في تموز 2013، صدرت عن مودي تصريحات أثارت امتعاضاً واسعاً في داخل الهند وخارجها، حين قارن بين المسلمين الذين سقطوا ضحايا أعمال عنف قام بها هندوس، والجراء التي تدهسها سيارة، قائلاً إنه سيشعر بالذنب بشأن أحداث العنف "إذا كنت فعلت شيئاً خاطئاً"، موضحاً أنه "إذا كان شخص ما يقود سيارة ونحن نجلس إلى جانبه، ومن ثم جاء جرو ليقع تحت عجلاتها، فبالطبع إنه أمر مؤلم. وسواء كنت رئيساً للوزراء أم لا، فأنا إنسان، وإذا حدث شيء سيئ في أي مكان، فمن الطبيعي أن أحزن".
وذهب مودي أبعد من ذلك حين رفض تقديم اعتذارات، عن مواقفه، وحين قرر ضم امرأة إلى حكومة الولاية أدينت لاحقاً في قضية اضطرابات طائفية.
لكن رغم كل ذلك، استطاع مودي كسب قطاعات واسعة في الحملة الانتخابية الأخيرة التي قادها بنجاح. فقد قدّم نفسه كمخلّص قادر على تحريك عجلة الاقتصاد، واعداً بمكافحة الفساد.
ربما يتسلح رئيس الوزراء الجديد بتجربته الاقتصادية "الناجحة" في ولاية غوجارات، حيث سجل نمواً سنوياً بنسبة 10.13في المئة كثاني أعلى معدل لولاية هندية بين العامين 2005 و2012، إلا ان منتقديه لا يقرّون بنجاح تجربته، التي تستهدف الفقراء وتدعم أصحاب المشاريع الكبرى، حسب قولهم.
يشير هؤلاء الى غياب مفوضية لمكافحة الفساد عن الولاية في عهده، واتهام وزير داخليته المقرب منه أحمد شاه، بالقتل والابتزاز خلال ولايته.
هو خطيب مفوّه يتكلم باللغة الهندية ويمارس رياضة اليوغا، أما على المستوى العائلي فقد رفض الرجل زواجاً تقليدياً سعى اليه والداه، وبقي أعزبَ يقيم وحيداً في منزله في غوجارات مع مجموعة من العصافير.
(السفير)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"شريعة المفاسد".. محاكمة من خارج حقل الميتافزيقيا

عطوي يتحرّر في «شريعة المفاسد»

هل "ستحرّر" إيران فلسطين؟!