الباحث محمد زاهد غول لـ«السفير»: السياسة التركية مقبلة على تغيّرات جذرية
معمر عطوي
قبل نحو خمسة أسابيع من الانتخابات الرئاسية التركية، أكد المحلل السياسي التركي محمد زاهد غول، المقرّب من رئاسة الوزراء في تركيا، أن رئيس الحكومة الحالي رجب طيب أردوغان سيخوض انتخابات رئاسة الجمهورية، وفي حال فوزه ستشهد تركيا تغييرات جذرية تجعل إدارة البيت التركي شبيهة بإدارة البيت الأبيض في الولايات المتحدة.
الكاتب التركي، الذي حضر الى بيروت للمشاركة في مؤتمر «ملتقى الأديان»، أمس الأول، خص «السفير» بحوار تناول فيه شؤون تركيا الداخلية قبل الانتخابات الرئاسية في 10 آب المقبل.
وفي سياق تعليقه على ترشيح أكبر حزبين علمانيين في تركيا، «حزب الشعب الجمهوري» و«الحركة القومية»، أكمل الدين إحسان أوغلو للرئاسة، يرى غول أن هذا الترشيح فُرض من خارج «حزب الشعب الجمهوري» ولا يستبعد أن تكون السعودية خلفه، مؤكداً في الوقت ذاته أن الأمين العام السابق لـ«منظمة التعاون الإسلامي» لا يملك القدرة على منافسة أردوغان.
ويعتبر غول أن المشهد الانتخابي في تركيا قد تجلى بوضوح في الانتخابات البلدية في آذار الماضي حين حصل «حزب العدالة والتنمية» على 46 في المئة من الأصوات، معتبراً أن هذه النسبة هي الأعلى التي يحصل عليها حزب سياسي في انتخابات محلية في تاريخ تركيا.
وعن شخصية مرشّح حزبي «الشعب الجمهوري» و«الحركة القومية»، يوضح الكاتب التركي أن «القاعدة الجماهيرية لحزب الشعب تعتقد أن هذا الشخص يعارض اعتقاداتها وايديولوجيتها. فإحسان أوغلو يقترب في نظرته من «حزب الحركة القومية»، وكان مستشاراً لزعيم حزب العمل القومي المتطرف ألب أرسلان. كذلك كانت علاقته جيدة مع الجيش، ومع ذلك لم تكن علاقته مع حزب الشعب سيئة في يوم من الأيام، وكذلك مع حزب العدالة والتنمية باعتباره تربّى في بيئة عربية، وهي بيئة نستطيع أن نصفها بأنها إسلامية. هذه الأمور لا شك قدّمت لحزبي الشعب والحركة القومية فرصة للتعامل مع بعضهما البعض».
وفي شأن فرص إحسان أوغلو، للفوز بالرئاسة، يقول غول إنه «بحسب سيرته المهنية قد يكون ممتازاً ومميزاً، لكنه عملياً لا يستطيع أن يكون مرشحاً منافساً لرجل مثل أردوغان، فهو لا يملك كاريزما ولا خطاباً ولا قاعدة حزبية، كما أنه غير معروف من الشعب التركي، حتى أن مسؤولين في حزب الشعب أخطأوا في كتابة اسمه مرات عدّة».
وعمّا إذا كان ترشيح إحسان أوغلو قد تم بإيعاز سعودي للضغط على أردوغان بعدما اختلفت المقاربة بين الأخير والرياض بخصوص الملف المصري ودعم «الإخوان المسلمين»، يجيب الباحث التركي: «من المؤكد أنه لولا قربه من السعودية لما تمكن من أن يكون أميناً عاماً للمنظمة الإسلامية، لا سيما أن مقرّها في جدة. وهذا يحمل الكثير من علامات الاستفهام».
ويقول أيضاً: «أنا أبقي هذه الأسئلة مفتوحة، لكن أزيدك من الشعر بيتاً: زعيم حزب الشعب كمال كليتشدار أوغلو، ورئيس الحركة القومية دولت باهتشلي، أجريا استشارات واسعة للغاية مع عشرات مؤسسات المجتمع المدني وعشرات الشخصيات النافذة والأحزاب السياسية المعارضة، وطُرحت أسماء، إلا انه لم يتم التطرق الى إحسان أوغلو. وهذه معلومات نقلتها قيادات في المعارضة».
لكنه يضيف «لا أملك دليلاً على دور الرياض في هذا الترشيح لكن لا أستبعد ذلك. وهذه اليد الخارجية تدل عليها حركة التمرد التي نشاهدها الآن بوضوح داخل حزب الشعب الذي بدأ يقضي على نفسه بقبوله مثل هذا الترشيح، وهناك الآن ربما يُطرح اسم آخر كمرشح لبعض نواب حزب الشعب مثل دنيز بايكال، أو غيره، ممن يستطيع أن يمثل الايديولوجية اليسارية أو القومية المتطرفة».
وبشأن رأي قاعدة «العدالة والتنمية» في هذا الموضوع، يرى غول أنهم «يعتبرون هذا الترشيح انتصاراً للإسلام السياسي من جهة، وانتصاراً للرؤية الشعبية. وهذا يعني أن الحزبيين أدركوا أن مزاج الشعب التركي لا يكون إلا من خلال شخصية متديّنة، بدليل أن كل الخيارات قد فشلت قبل هذه الانتخابات».
وفي موضوع ترشّح رئيس الوزراء الحالي، يؤكد الباحث المقرّب من دوائر الحزب الحاكم، أنه بنسبة «99 في المئة سيترشح أردوغان وسيكون رئيساً للجمهورية بصلاحيات موسعة».
أما في ما يتعلق بالحرب المفتوحة بين أردوغان والداعية المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولين، فيؤكد غول أن «تغلغل جماعة غولين في الدوائر لم يبدأ في يوم وليلة ولا في العهد الحالي. لكن حكومة أردوغان ترى أن هناك يداً خارجية تعاونت مع جماعة غولين أو قيادات من حركته لإطاحة مشروعات تتعلق بسيادة البلد، سواء في موضوع المصالحة مع الأكراد الذي يعارضه غولين، أو في موضوع عمل الاستخبارات. لقد أرادوا أن يُحرجوا الحكومة في عدد من المواقف لعرقلة عملها وكان الانفجار الكبير في عملية مكافحة الفساد التي اعتبرها «العدالة والتنمية» انقلاباً بامتياز. وبخصوص ملف الفساد الذي اتهموا فيه رئيس الوزراء ونجله فقد صدرت البراءة فيه عن القضاء».
ويرى الباحث التركي أن أردوغان إذا أصبح رئيساً، «فسيتابع سياساته في موضوع الصلح مع الأكراد والملف السوري وستبقى كما هي لجهة الخطوط العامة... ربما سيكون هناك تغيرات في تفاصيل السياسة الخارجية، وخاصة أن وزير الخارجية المقبل سيكون من خلفية استخباراتية مثل حقان فيدان، وهذا يعني أن هناك تغيراً جذرياً في وزارة الخارجية كما في بنية الاستخبارات في هذا العهد الجديد. وعملياً ستكون إدارة البيت السياسي في تركيا أشبه بإدارة البيت الأبيض كنظام إداري، وهذا الأمر سيمنح تركيا الكثير من الفعالية في السياسة الداخلية والخارجية وسيحل الكثير من العقد والمشاكل».
تعليقات