معمر عطوي
حين يتم تناول الفئات المُهمّشة من البشر، أو طرح مشاكل المهاجرين وطالبي
اللجوء في أوروبا، لا يتم التعريج على قضية الغجر أو التسيغاني Tsiganes إلاّ نادراً، مع أنهم يشكلون عنصراً مهماً ووازناً من نسيج
الحياة الاجتماعية في أوروبا عموماً وفي جنوب شرقي "القارة العجوز"، كون
منبعهم الأصلي منطقة
البلقان. لعل الإضاءة على حياة هذه الفئة يكشف بعض الجوانب
الإيجابية والجميلة رغم الصورة النمطية السلبية عنهم كمجموعات تمتهن التسول والاحتيال
وأعمال التنجيم لتحصيل بعض المال.
الفكرة أصبحت واقعاً مع مجموعة من منظمات المجتمع المدني على رأسها
"التجمع من أجل العمل الاجتماعي في إكس إن بروفنس"C.A.S.A حيث تم تنظيم
نشاطات عديدة في مبنى معهد العلوم السياسية SciencePo في المدينة القديمة، شملت
عرض صور وأعمال فنية وندوات ومداخلات أكاديمية وتخصصية في شؤون الغجر الموصوفين
بالترحال الدائم، إضافة الى عرض فيلم سينمائي يعود للعام 1967 بعنوان "j'ai même rencontré des tziganes heureux".
صور الأمس واليوم
المعرض الذي افتتح يوم السبت في 20 جانفييه/ كانون الثاني، سبقه عرض الفيلم
مساء الجمعة، وتضمن منشورات وكتب وملصقات تتناول حياة هؤلاء المهمّشين الذين يعيش
معظمهم في منطقة يوغسلافيا سابقاً ورومانيا. القاعة الأولى التي خصصت للجمعيات مثل
CIMADE و AGIR، احتضنت معرض
صور تحكي تطور الأسر الغجرية على مدى خمسين عاماً. صور هي عبارة عن مقارنات بين
الأمس واليوم، تحكي فيها الوجوه قصص معاناة طويلة مع الحياة والقوانين والحدود
والأنظمة التي تجاهلها هؤلاء الناس بعدما تجاهلتهم ووضعتهم في مصاف الشعوب المُهمًلة
بل المنسيّة. نظم هذا المعرض جان بيير ليجيوا، وهو باحث اجتماعي مؤسس ومدير سابق لمركز البحوث حول
الغجر في جامعة ديكارت- باريس. يعمل مع مجلس أوروبا والمفوضية الأوروبية في شأن القضايا
المتعلقة بالغجر ولديه العديد من الكتب عنهم.
رسم المعاناة
في صالة كاسين في الطابق الثاني من المعهد العريق تم عرض رسومات متواضعة استخدم
فيها الورنيش، تحت اشراف كل من كريست ميرور وأليكساندر زوغراف (الأول فنان ومؤلف كتب عن مخيمات
اعتقال الغجر خلال الحرب العالمية الثانية. والثاني مراسل سياسي وكاتب صربي يعمل في
صحيفة "فريم" في بلغراد، دافع عن قضية الغجر في كتاباته ورسوماته التي
عرض بعضها في هذا المعرض). الرسومات المعروضة هنا لا ترقى الى
مستوى اللوحات التي نشاهدها في المعارض الفنية، لكنها بمضمونها تحمل تعابير كثيرة
عن حياة الغجر ويومياتهم، وبخطوطها المتواضعة ترسم طريقاً طويلاً مُعبّداً بالعرق
والدم خاضه هؤلاء الناس من أجل الحصول على حياة تشبه حياة البشر الطبيعيين.
أبحاث حول الغجر
بدأ خطاب الافتتاح للمؤتمر في الصالة المجاورة لمعرض الرسومات، حيث تحدثت رئيسة
الجمعية الراعية للنشاط كولين فيرنوكس مرحبة بالحضور وقدمت المشاركين في وجهات نظر
حول الغجر. وكان المحور الأول تحت عنوان "وجهات نظر متقاطعة حول ثقافات
الغجر، شارك فيها كل من جان بيير ليجيوا، كريستيل أميلال (الباحثة الإثنولوجية في مدينة آرل
التي التي أنجزت العديد من الدراسات الاستقصائية عن الغجر وقضية تنظيم الأسرة، وتوزيع
الأدوار بين الإناث والذكور) وساشا زانكو (الروماني الفرنسي، مؤلف كتاب
"انجيل روما").
تناول المحور
الثاني الذي بدأ بعد الظهر "وجهات النظر حول ديناميات الاستقبال والرفض في
مواجهة الغجر في مقاطعة PROVENCE-ALPES-CÔTE D'AZUR الفرنسية الجنوبية المعروفة بمقاطعة PACA، والتي تنتمي اليها مدينتا إكس ومارسيليا. تحدث في هذا المحور كل
من بياتريس ميسيني (باحثة
في جامعة إكس- مارسيليا، اشتغلت على قضايا السكن ومشاكل الغجر)، مصطفى الميري
(أستاذ محاضر في قسم علم الاجتماع في جامعة إكس-
مارسيليا)إضافة ألى ومشاركة لتجمع "Roms de Gardanne". فيما انتهت الجلسة
الأخيرة عند السادسة مساءً بعدما تحدث كريست ميرور عن أبحاثه حول مخيمات الغجر في
الحرب العالمية الثانية ووجهات النظر الحالية ودور الفن في الحفاظ على وجودهم وثقافتهم.
في صالة
الفيديو كان يتم عرض متواصل لفيلم
"غجر، تسيغاني، بشر الترحال: الحق في العيش". لرولاندة كوتيت.
وعلى الهامش جلس
بعض المهتمين من المواطنين حول طاولة مستديرة لمناقشة "السكن الخاص بأشخاص
في وضع غير آمن"؟. كذلك كان للموسيقى البلقانية دورها في التعبير عن ثقافات
شعوب موجودة بيننا من دون أن نشعر بمعاناتها مع الهوية والانتماء وأبسط حقوق
الانسان بسبب التمييز والعنصرية المبطنة والسافرة.
"Mig Mag"
تعليقات