66 مصوّرا إيرانيًّا ينقلون الوجع والدّمار.. وهواجس ما بعد الثورة
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
بواسطة
LOGICA

تراجيديا "الشّعر البصري" تحلّ ضيفة على مدينة آرل
الصّورة أحيانا قد تكون أكثر قدرة على إيصال الفكرة من ألف كتاب، خصوصا إذا كان من يقف خلف العدسة يعرف تماما كيف يلتقط المشهد في اللّحظة المناسبة
والمكان الملائم. هذا ما يمكن ملاحظته بوضوح في ملتقى المصورين الإيرانيين في مدينة آرل الفرنسيّة، حيث احتضنت كنيسة سانت-آن، التاريخيّة (الَّتي يعود بنائها الى القرن السّابع عشر على أنقاض كنيسة قديمة)، معرضا للصّور شارك فيه 66 مصورًا إيرانيًّا، في إطار النّشاطات الثقافيَّة الَّتي نظمتها المدينة هذا الصيف.
والمكان الملائم. هذا ما يمكن ملاحظته بوضوح في ملتقى المصورين الإيرانيين في مدينة آرل الفرنسيّة، حيث احتضنت كنيسة سانت-آن، التاريخيّة (الَّتي يعود بنائها الى القرن السّابع عشر على أنقاض كنيسة قديمة)، معرضا للصّور شارك فيه 66 مصورًا إيرانيًّا، في إطار النّشاطات الثقافيَّة الَّتي نظمتها المدينة هذا الصيف.
لعلّه من المعارض الأكثر إثارة الّتي تشهدها مدن فرنسا في هذا الصيف، إذ شارك فيه عدد كبير من الفنّانين في تشكيلة فسيفسائيّة رائعة. نقل هؤلاء حكايات الحرب العراقيّة الإيرانيّة الّتي تلت تسلم الإسلاميين المحافظين للحكم، واستمرّت ثمان سنوات انتهت أخيرا على مضض، حيث أعلن الخميني في موقف غريب ومُستهجن أنّ موافقته على وقف الحرب تشبه تجرعه للسم.
هواجس وطموحات
ليس من قبيل المصادفة أن يكون في إيران الكثير من المصوّرين، وهي المعروفة بفنونها الّتي تبدأ من حياكة السّجاد ولا تنتهي بالرّسوم أو الزّخارف وكتابة الشّعر. لذلك سمّي المعرض بالشّعر البصريّ، كونه يصوّر وجع الإنسان من الدّاخل، ينقل خوفه وهواجسه وطموحاته من خلال تعابير وجهه والدّموع الممسوحة على وجنتيه أو من خلال الدّماء النّازفة من أجساد بريئة لم يكن لها علاقة بقرار حرب مدمرة أكلت الأخضر واليابس. إذن هي الثّورة الّتي أكلت أبناءها. الوجع هنا يبدأ من القضايا الشخصيّة من فتيات يختلسن الوقت للتّعبير عن حريتهنّ الشخصيّة في بلد يفرض عليهنّ الحجاب والتّقيد بنظام متشدّد. مقابل هذا هناك صور لنساء يرتدين التشادور ويحملن السّلاح دفاعا عمّا يعتقدونه ثورة مقدّسة. هو عالم ملئ بالتّعقيدات يمكن لزائر المعرض أن يلحظ بعض خيوطه الّتي نجح أمناء المعرض: أناهيتا غابيان ونوشا تافاكوليان في تنظيم الصّور المشاركة على نحو متناسق وسهل. ففي هذا الجانب صور تعود إلى ثورة العام 1953 في عهد حكومة محمد مصدق (1882- 1967). وعلى الجانب الآخر صور تلتقط اللّحظات الاجتماعيّة الفريدة الّتي تشي برغبات مدفونة أو بممارسات قمعيّة تبدو نتائجها في الشّارع مثل تدمير الصّحون اللاّقطة لأجهزة التّلفزة ضمن سياسة محاربة الانفتاح على الغرب. وفي قاعات أخرى صور تعبّر عن الخوف من الحرب وتداعياتها ووجوه تتوق إلى السّلام وعيون دامعة على ضحايا الحرب وأهوالها. هذا إلى جانب صور التّدمير الممنهج للمدن خصوصاً خلال القصف المتبادل بين بغداد وطهران بصواريخ غير تقليديّة في ما سمّي حرب المدن آنذاك.
يؤكّد المصوّرون الإيرانيون من خلال أعمالهم الإبداعيّة هذه أن أبناء إيران اليوم يريدون التّعبير عن أنفسهم، مستخدمين الأدوات الفنيّة الممنوحة لهم. فكما كان الشّعر في السّابق هو وسيلة للتّعبير مع عمر الخيام وحافظ الشيرازي وغيرهم، أصبح التّصوير الفوتوغرافي آداة حديثة متماهية مع القصيدة في بعدها التّعبيريّ الرمزي. ففي بيان المعرض، تقول أناهيتا غابيان ونيوشا تافاكوليان إنّه “من الواضح أنّ الشّعر الحديث هو التّصوير الفوتوغرافي”.
ينقسم مسار المواضيع الخاصّة بالصّور المشاركة في هذا المعرض إلى ثمانية أقسام، أتت عناوينها على الشّكل التّالي؛ “1979، الاضطراب”، “من الجبهة إلى الصالون”، “من نحن؟”، “ما نحن بحاجة لأن يكون”، “مرحلة الواقع”، “سبات”، “الأزمة البيئيّة” و”شاعر السينما”.
حياكة السجاد
لعلّ تزامن الصّور الوثائقيّة والفنيّة، وأحيانا من فترات مختلفة، هو مثمر جدّا. إذ يتمّ تغيير الطّابع السوداوي الجافّ ببعض اللّقطات الخفيفة والكوميديّة الّتي تعطي الموضوع بعض نداوة أو هي روح الدعابة الّتي يتميّز بها الإيرانيون المشهورون بطبيعة النّفس الطّويل الّتي اكتسبوها من طريقة حياكة السّجاد.
لم يكن من الصّعب على زائر ملتقى المصوّرين في آرل أن يتفاعل مع المشاهد المنقولة من بلد آخر ومجتمع مختلف، فكان لكلّ صورة شروحاتها باللّغتين الفرنسيّة والإنجليزيّة. شروحات تبيّن الفترة الزمنيّة لكلّ صورة والحيز الجغرافي والمعالم التاريخيّة الأساسيّة.
لقد نقل المصورون من خلال عدساتهم التناقضات والتوترات الرئيسية الجارية في المجتمع الإيراني كما نقلوا المناخ التراجيدي الذي عاشه الناس فترات طويلة.
وكتب النّصوص كلّ من: أناهيتا غابيان، غزال غولشيري ونيوشا تافاكوليان.
في أي حال ما شهدته مدينة آرل يشكل تظاهرة رائعة وإن طغت عليها الصّور المحزّنة والطّابع البكائي، خصوصا أنّه قد تمّ نشر “إيران، ألبوم التّصوير الفوتوغرافي”، الّذي شاركت في انجازه “تكستويل” ومحطة “أرتي”.
وإلى جانب المعرض، عرض خلال الأسبوع الافتتاحي سلسلة وثائقيّة وشبكة على مشهد التّصوير الفوتوغرافي الإيراني، من إخراج ناتالي ماسدرود وفاليري يوريا، وأنتجتها “تيرا لونا فيلمز”، “هاربور فيلمز” و”دارجيلنغ”.
"الآوآن" 12 سبتمبر 2017
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات