أربعون «الجبهة الموحّدة لرأس بيروت»: عود على بدء
معمر عطوي
تحتفل "الجبهة الموحدة لرأس بيروت" اليوم في الذكرى الأربعين لتأسيسها ولمناسبة الإعلان عن انطلاقتها الجديدة وإطلاق برنامج عملها في أعقاب سنوات قليلة من الجمود، بعدما كان لهذه الحركة النخبوية ـ المدنية الأثر الطيب في بداية الأحداث اللبنانية، لجهة محاولاتها منع منطقة بيروت من السقوط في أتون الفوضى والانقسام الطائفي.
تحتفل "الجبهة الموحدة لرأس بيروت" اليوم في الذكرى الأربعين لتأسيسها ولمناسبة الإعلان عن انطلاقتها الجديدة وإطلاق برنامج عملها في أعقاب سنوات قليلة من الجمود، بعدما كان لهذه الحركة النخبوية ـ المدنية الأثر الطيب في بداية الأحداث اللبنانية، لجهة محاولاتها منع منطقة بيروت من السقوط في أتون الفوضى والانقسام الطائفي.
وبحكم وجود مجموعة من الأكاديميين والناشطين السياسيين في ذلك الوقت على رأس الحركة، جمعت "الجبهة الموحدة لرأس بيروت" بين العمل النخبوي والتحرك الشعبي المدني الذي ينشط ميدانياً فيلاحق خدمة الناس في أدق تفاصيلها.
لكن الهم الأساس للجبهة، بحسب ما يوضح رئيس "لجنة التعبئة الشعبية" خلدون الصلح، لـ "السفير"، هو التوفيق بين الطوائف، على أيدي كوادر علمانية تضم مثقفين وأساتذة جامعات شكلوا رؤساء لمناطق في بيروت ضمن الجبهة.
ويبدو الصلح متفائلاً بإمكانية إعادة تحريك عجلة هذا النشاط، مشيراً إلى نية القيمين على البرنامج الجديد إرسال استمارات لضم أعضاء جدد ومن ثم منتسبين عاملين في صفوف الجبهة.
أما سبب هذا التوقيت للإعلان عن الانطلاقة الجديدة، فيلفت الصلح الانتباه إلى أن "المواطن وبعد انهيار المؤسسات في العالم العربي ولبنان، أصبح منوطاً به القيام بدور مثل الذي قام به في العام 1975، من خلال تنظيم جماعات تشكل حكومة ظل وتسعى لتعاطف الشارع معها"، واصفاً هذه الحالة بأنها حالة "عقل يمثل خميرة لبنان وروحه الباقية".
ويؤكد رئيس لجنة التعبئة الشعبية في "الجبهة الموحّدة لرأس بيروت" أنهم يقومون بهذه الخطوة الجديدة "حتى لا تتكرر الحرب اللبنانية وسط حالة مجنونة ومخيفة".
بدوره يوضح رئيس "لجنة العلاقات العامة والإعلام" الناشط محمد قاسم لـ "السفير"، أن الجبهة الموحّدة كانت عبارة عن لقاء يضمّ مئات من الشخصيات تناقش شؤون البلد وشجونه وتحاول الحد من التجاوزات التي كانت تمارس ضد المواطنين، خصوصاً لجهة الاعتداء على النسيج الاجتماعي وتهجير بعض الفئات بسبب انتمائهم الديني أو الاعتداء على ممتلكات عامة ومؤسسات تربوية.
ويشدّد قاسم على أن "الهاجس هو تأمين مستلزمات الحياة اليومية للناس"، مشيراً إلى تجربة الحرب حيث أنشأت الجبهة دفاعاً مدنياً خاصاً بها لمساعدة الناس وتوفير مستلزماتهم ونقل المرضى والجرحى، وتوفير مياه الشفة. كما قامت بإنشاء بنك دم وإسعافات وعمليات إنقاذ. ويقول إن الخطوة انطلقت من رأس بيروت بمبادرة من مجموعة شبان وهيئات مهتمة بتخفيف آثار الحرب الأهلية، وتوسعت تدريجياً لتطال معظم منطقة بيروت، لافتاً الانتباه إلى تعاطي الجبهة الموحدة في الشؤون الوطنية المركزية، والحريات العامة، والممارسات السياسية للقوى والأحزاب، وتصويب بعض المسارات، وتأمين خدمات.
وفيما كانت منطقة رأس بيروت مركزاً لأبرز الجامعات والمدارس الإرسالية والمعاهد المتنوعة المشارب، يشير المسؤول الإعلامي إلى أن "الجبهة الموحدة" كانت منبراً من خلال الجامعة الأميركية لتلاقي معظم الهيئات في المجتمع المدني والأهلي ومنطقة اللقاء الوطني، موضحاً أن اللقاء الوطني الذي عقد نحو 84 مرة، كان عبارة عن برلمان شعبي تدعى إليه القوى السياسية والحزبية والجمعيات الأهلية وشخصيات وطنية كافة.
وعن سبب احتفال اليوم الخميس، في نادي متخرجي الجامعة الأميركية في بيروت (الساعة الخامسة بعد الظهر)، حيث سيتم إعلان انطلاقة جديدة للجبهة وبرنامج عملها، يوضح قاسم أنه "بعد عشر سنوات من الجمود بدأنا نستشعر بمخاطر جدية وفتنة تُرسم للبنان، وبالتالي أصبح الوضع مشحوناً بأزمات سياسية كبيرة. وهناك خوف من انقسام آخر، وهناك محاولات لتعطيل الحوار. لذلك، سنعيد حركتنا لنخفف من حالة التشنج والتموضع وانقطاع الحوار، ومن حدة الخطاب السياسي المذهبي".
ولعل أهمية هذه الانطلاقة التي تأتي في ظل أزمات سياسية وأمنية واقتصادية خانقة يعيشها لبنان والمحيط العربي، وربما هي أقسى بكثير من ظروف الحرب في العام 1975، تأتي وسط "انعدام وجود منابر توحيدية تضمّ الجبهة من المشارب كافة تحت شعار وحدة البلد، وسلمه الأهلي، واستبعاد أي فرز طائفي، وتحصين الساحة، وفتح الحوار بين القوى، ونبذ العنف، ورفض كل خطاب فئوي أو مذهبي أو تحريضي".
كما يلفت النظر إلى وجود شق آخر هو "الدفاع عن حقوق اللبنانيين لناحية الخدمات العامة"، قائلاً "نحاول بقدر ما نستطيع من هذا المنبر إطلاق سلسلة من المبادرات الاجتماعية والثقافية والتربوية".
ويختم المسؤول الإعلامي في "الجبهة الموحدة لرأس بيروت" بالإشارة إلى أن لبنان غارق في أزمتين: "الأولى هي الفتن والخطاب المذهبي، حيث هناك خشية من الانزلاق إلى مناخات تهدّد السلم الأهلي والوطن بمكوناته كافة. والثانية، أن لبنان يغرق في سلسلة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والتدني الفاضح لمستوى الخدمات العامة على مختلف الصعد".
(السفير)
تعليقات